مملكة قطنا في حمص لؤلؤة الوسط السوري

الأربعاء 25 نوفمبر 2020 - 10:00 بتوقيت غرينتش
مملكة قطنا في حمص لؤلؤة الوسط السوري

تنتصب مملكة قطنا في الشمال الشرقي من مدينة حمص، كانت هذه المملكة حاضرة بقوة منذ آلاف السنين وتقع بالقرب من قرية المشرفة حاليا واكتشفت عام 1924.

وتتميز المملكة القديمة بأهمية تاريخية خاصة بفضل موقعها الجغرافي الهام والزراعي أيضاً كما أنها نقطة تقاطع بالغة الأهمية على الصعيد التجاري بالنسبة للطرق القديمة.

وبينت المكتشفات والألواح المسمارية أن مملكة قطنا كانت لؤلؤة المنطقة الوسطى والشمال حيث كانت صلة وصل مع تجار الشمال في مدينة دورا اوروبوس على الفرات وتجار الساحل السوري والبادية والساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ومصر ومنطقة بحر ايجه والعراق، وذلك المركز الهام الذي تبوأته مملكة قطنا اكسبها أهمية تجارية. ‏‏

 ‏الجدير ذكره أن مدينة قطنا تقع في تل المشرفة الواقع على بعد 18 كم شمال شرقي حمص حيث تأسست قطنا القديمة على الطرف الشرقي من وادي العاصي الأخضر، وتقع المدينة القديمة وسط سهل شبه أفقي تقطعه وديان لثلاثة جداول صغيرة تتجه شمالاً لتشكل روافد العاصي. ‏

 المنطقة الخلفية للمشرفة وتنتشر هذه المواقع على امتداد الواديين اللذين يقع أحدهما إلى الشرق من قطنا (وادي الميدان) والآخر إلى الغرب من قطنا (وادي سليك) في حين لا يوجد انتشار لهذه المواقع في الوادي الأوسط (وادي زورات)، حيث بدأت عمليات المسكن الرئيسية في هذه المواقع خلال عصر البرونز القديم الرابع وعصر البرونز الوسيط(2400-1600) ق.م.‏‏

 كانت المملكة متوسطة الحجم امتدت على كامل سطح الأكروبول (بمساحة 25 هيكتاراً)، وأخذت الشكل الدائري بشكل مشابه إلى حد كبير المواقع التي عاصرتها في تلك الفترة مثل موقع الروضة في البادية إلى الشمال الشرقي من قطنا وموقع الشعيرات إلى الجنوب من قطنا، وموقع ايبلا إلى الشمال منها.

وفي بداية عصر البرونز الوسيط جرى تعديل بسيط في البنية العمرانية للمدينة ولتنظيمها الداخلي وهو ما يعكس تغيراً في الدور الذي لعبته قطنا في ذلك الوقت فقد تحول المخطط الدائري الصغير لمدينة العصر البرونزي القديم الرابع إلى مخطط أكبر مربع الشكل يحيط به خندق وتحصينات بارزة تنتصب على ارتفاعات تتفاوت بين 15-20 متراً مسورة مع وجود أربع بوابات ويطل أكروبول قطنا على جزئها الغربي الأوسط حيث يحيط به مدينة منخفضة واسعة تبلغ مساحتها 70 هكتاراً وينتصب عند زاويتها الجنوبية الشرقية رابية نصفها طبيعي التشكل ونصفها صناعي تعرف باسم قبة لوط وهو الموقع الحالي لتل المشرفة. ‏‏

 

 ومن أهم المكتشفات في عصر البرونز القديم حي سكني واسع يقع في القسم الشمالي من الجزء المرتفع الحصين ويطل على المدينة المنخفضة إضافة لمدفن مكون من حجرة وحيدة على الطرف الغربي من الرابية الوسطى للأكروبول أما في عصر البرونز الوسيط فأهم المكتشفات مبنى رسمي ضخم ومشغل كبير للفخار على قمة المدينة العليا لقطنا.

 أما القصر الملكي في قطنا فتم بناؤه خلال الألف الثاني ق.م ودمر عام 1340 ق.م إبان الغزو -الحثي لسورية ويعتبر واحداً‏‏ من أكبر القصور في سورية القديمة وهو يضم 80 غرفة على مستوى الأرضية وتم إضافة جزء ملحق له في الزاوية الجنوبية الشرقية للقصر في عصر البرونز الأول.

في حين يعود بناء القصر الصغير الجنوبي إلى النصف الثاني من الألف الثاني ق.م ويقع إلى الجنوب من ا لقصر الملكي ويحمل الكثير من الخصائص المعمارية الجميلة التي نجد ما يشابهها في مواقع مثل تل عطشانة ورأس شمرة (أوغاريت).

ويتألف القصر من قاعة كبيرة حولها الغرف والممرات المرتبطة بالقسم السكني إضافة إلى القسم الرسمي الذي يتألف من غرفة كبيرة يتميز مدخلها بوجود قاعدتين من البازلت أما قصر المدينة المنخفضة فيقع بالقرب من القصر الملكي على بعد 150 م من البوابة الشمالية وتم الكشف فيه عن 68 غرفة تبلغ مساحتها حوالي 2200 م.

 ودلت أعمال التنقيب في المنحدر الغربي للمدينة على وجود قصر كبير يعود إلى العصر الآرامي وتفيد الدراسات أن البناء قد هدم أثناء حملات الملك أشور صرغون الثاني والتي نتج عنها سقوط مملكة حماة عام 720ق.م.

 

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019