الأغباني روح الأصالة الدمشقية

الثلاثاء 1 ديسمبر 2020 - 12:01 بتوقيت غرينتش
الأغباني روح الأصالة الدمشقية

مطرزات الأغباني خرجت من دمشق إلى العالم بأيدي حرفييها السوريين ولم تزل دمشق تصدر منتجاتها إلى جميع أنحاء العالم.

والأغباني حرفة أبدعتها أنامل السوريين رجالا ونساء، حيث كانوا يطرّزون القماش بإحساسهم الفني المهني الذي أبدعوا من خلاله أجمل المطرّزات التي كانوا يزركشون بها العباءات الشرقية وأغطية الطاولات وستائر النوافذ إضافة إلى بعض المفروشات القديمة منذ أكثر من 500عام، ورغم قلة حرفيي الأغباني فإنهم ما زالوا يحافظون على طابعه الشرقي مع مواكبته للعصر.

وكان الدمشقيون القدامى يطرّزون المفارش والعمائم ولباس العريس ولفة المولود حديثا، إضافة إلى الستائر ومفارش الطاولات والأسرّة، والعباءات والعمائم، وغيرها من بقية مطرّزات الأغباني.

وكان الأغباني يُصنع قديما من الحرير الطبيعي الموجود بكثرة في سورية، وفق زخرفات ورسوم مدهشة، ولكن مع الزمن أصبح الحرفيّ يستخدم القماش القطني السوري عالي الجودة والمطرّز بخيط من الحرير، وبعد حياكته يُطرّزه بخيوط ذهبية وفضية.

وكان الصنّاع الدمشقيون ينسجون القماش على الأنوال اليدوية على شكل أثواب يسمى الواحد منها “سلك أغباني”، وكانوا يجعلون فاصلا كل 150 سم وعرض هذا الفاصل 8 سم.

وعندما ينتهي الثوب يقصّون هذه القطع، وترسل القطعة إلى الرسم، وتتألف الرسوم من أشكال نباتية وزخارف عربية، وتكثر الورود والأزهار والأغصان حيث تكون هذه الرسوم محفورة على قطع خشبية يُدفع بها على القماش المراد شغله بالأغباني.

وبعدها يشدون القطعة على “طارة” خشبية دائرية، وهنا يبدأ التطريز، وتقوم به النسوة في بيوتهن حيث يعمدن إلى شغل الرسوم بخيطان حريرية وإبر خاصة يمررنها من وجه القماش إلى العكس، وتكون خيوط التطريز بألوان عديدة، منها الذهبي والأخضر والأزرق والبيج والعسلي.

بعض الحرفيين المهرة كانوا يقومون بالتطريز مباشرة دون وضع رسوم على القماش باستخدام القالب الخشبي الصغير

ويتميز الأغباني حسب النقطة بألوانه السبعة وأسماء رسوماته حيث لكل تطريزة أغباني اسم مثل “سقف القاعة” ودقة الليرة” والسلطان” والضامة” واللوزة” ورسمة لام ألف” التي كانت تطرز على العمائم ليلبسها وجهاء دمشق والعلماء، لافتا إلى أن القطعة تحتاج نحو الشهر لإنجازها، لذلك كانت العائلات الدمشقية تحجز الجهاز لعروسها قبل فترة طويلة من موعد العرس حتى يكون الجهاز كاملا من الملابس ومجموعة الأسرة والمفارش وهي عادة دمشقية قديمة تعود إلى مئات السنين.

رغم أن حرفة الأغباني تطوّرت كثيرا في السنوات الأخيرة، وأصبحت تستخدم أجهزة الكمبيوتر، وتعتمد على الآلات الحديثة ومصنفات الصور الجديدة (الكاتالوغات)، فإن هذا التطور لم يستطع أن يلغي دَوْر اليد العاملة أو التطريز اليدوي.

وواكب حرفيو الأغباني القلائل العصر حيث أدخلوا مطرّزات حرفتهم على الجلديات مثل الحقائب والأحذية والمعاطف الجلدية ما ساعد في المحافظة على المهنة، لتصبح اليوم قائمة الهدايا التي يحملها السوريون إلى أقربائهم في بلاد المهجر، الذين يحنون إلى دمشق ويتباهون بأي هدية تحمل البصمة السورية ويفضلونها على غيرها، لأنها تحمل عبق وأصالة دمشق.

 

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019