الأديبة كوليت خوري قامة سورية عظيمة

السبت 6 فبراير 2021 - 08:11 بتوقيت غرينتش
الأديبة كوليت خوري قامة سورية عظيمة

 كوليت خوري أديبة وروائية سورية، كانت مستشارة أدبيّة لرئاسة الجمهورية العربية السورية وعضو في جمعية القصة والرواية.


بدأت خوري الكتابة منذ طفولتها باللّغتين العربية والفرنسية، ثم شرعت تنشر، فكانت بداياتها الأدبية ماهي إلا وجدانيات تجسّدت بقطعٍ منثورة باللغة العربية وقصائد صغيرة باللغة الفرنسية. ونشرت في سن مبكّرة مجموعة من القصائد باللغة الفرنسية بعنوان “عشرون عاماً” أعربت خوري من خلالها عن سخطها من القيود الاجتماعية وإنكارها الشديد لها، كما وصفت محاولاتها وتخبطاتها في الحب.

كرّست خوري عملها لتُغرَس في النفس الأنثوية وتدافع عن حق المرأة في الحب والحياة بأكملها. قالت خوري ذات مرة: “بما أنني شعرت دائمًا بالحاجة للتعبير عما حدث في داخلي … الحاجة إلى الاحتجاج، والحاجة إلى الصراخ … وبما أنني لم أكن أريد أن أصرخ بحنجرتي، فقد صرخت بأصابعي وأصبحت كاتبة”.

تجوّلت كوليت خوري، ما بين الشعر والرواية والقصة القصيرة والمقالة والمسرح، والدراسة التاريخية، ولها أكثر من ثلاثين مؤلّفاً في الأدب والتاريخ، كما عملت لفترات متقطعة في الصحافة. تعرف على السيرة الذاتية الإنجازات والحكم والأقوال وكل المعلومات التي تحتاجها عن كوليت خوري.

بدايات كوليت خوري

ولدت كوليت خوري عام 1937 في حي قديم من أحياء العاصمة دمشق في سورية، للسيّد سهيل فارس خوري والسيّدة ليلى كحالة، لطالما كانت عائلتها إرث سياسي وثقافي ثمين لسورية، جدّها كان السياسي والمفكّر الوطني فارس خوري.

كوليت هو اسمها الأول الذي اختاره والدها بسبب حبّه واعجابه الشديد بالكاتبة الفرنسية كوليت التي كانت تعيش مجدها كأديبة في ذلك الوقت، أما خولة فهو الاسم الذي اختاره لها الجدّ فارس خوري تيمّناً ببنت الأزور، ورغبةً منه بوجود فارسة جديدة من عائلته، وكانت فارسة الأدب كوليت خوري.

تلقّت تعليمها المبكّر في مدرسة البيزانسون للراهبات، لتُكمل دراستها الثانوية في المعهد الفرنسي العربي في دمشق. وبعدها درست الحقوق في الجامعة اليسوعية في بيروت ثم تابعت تحصيلها العالي في جامعة القديس يوسف ببيروت، ثم انتقلت لجامعة دمشق لتنال أخيراً الإجازة في اللغة الفرنسية وآدابها.

إنجازات كوليت خوري

في عام 1957، وعندما كانت في عمر العشرين أصدرت كتابها الأول بعنوان "عشرون عاماً"، وكان عبارة عن عشرين قصيدة كتبتها كوليت بين سن السادسة عشر والعشرون، والقصيدة الأخيرة في هذا الكتاب عنوانها "عشرون عاماً"

وعندما قدّمت الكتاب لأبيها "سهيل" تأمله وابتسم نصف ابتسامة وقال لها: "تصوري لو كان هذا الكتاب بالعربية لكان الأمر أهم". تقول كوليت: "امتعضت يومها، لكني شعرت أن أبي على حق، وصممت بـأن يكون كتابي الثاني بالعربية."

فكانت رواية "أيام معه" في عام 1959، وقد اعتُبرَت هذه الرواية تجسيد حيّ لما عاشته خوري مع الشاعر الكبير نزار قباني، شكّلت هذه الرواية صدمة للعالم العربي حينها، فكانت المرّة الأولى التي تكتب فيها امرأة بكل جرأة وواقعية عن الحب، عن ذلك الموضوع الذي كان من محرمات المجتمع السوري المحافِظ.

فخلقت كوليت في روايتها، امرأة قويّة مستقلّة لم يستطع الحب جعلها ضعيفة أو ذليلة. وعبّرت بقوة عن أفكارها ومعتقداتها من خلال هذه الشخصية، فاستطاعت أن تصرخ وتقول بقوة في هذه الرواية: "لا! لم أكن ولدت فقط لتعلم الطبخ ومن ثم الزواج، وإنجاب الأطفال، والموت! إذا كانت هذه هي القاعدة في بلدي، فسأكون استثناءً. لا أريد أن الزواج!"

وفي عام 1960 صدر لكوليت بالفرنسية كتاب آخر عنوانه "رعشة Frisson" وهو أيضاً عشرون قصيدة في ديوان.

وفي عام 1961 عادت للعالم العربي من خلال رواية "ليلة واحدة"، كانت من أكثر القصص المثيرة للجدل بسبب عنصر الزنا الموجود فيها. أجادت خوري في وصف معاناة المرأة المتزوجة عندما يتحوّل زواجها إلى شراكة تجارية بحتة تفتقد إلى جميع أشكال العاطفة والرحمة، ف ما كان من بطلة قصتها "رشا" سوى الوقوع في الفراغ، ذلك الفراغ المُهين الذي جعلها تتخبّط بين محلَّلاتٍ ومحرّمات باحثةً عما يُدفِئ داخلها.

ولطالما كانت كوليت خوري صاحبة فكر وطني وسياسي واضح وناضج، فأصدرت عدة قصص وطنية مسّت دمشق وتركت أثرا كبيرا في نفوس السوريين مثل (دمشق بيتي الكبير ودعوة إلى القنيطرة وغيرها)

وبين عامي 1989 و1997 نشرت ذكريات جدّها المفكّر السياسي فارس خوري في كتابين بعنوان "أوراق فارس خوري"

وفي عام 1990، انتُخِبت لمجلس الشعب لدورتين متتاليتين، ونشرت آراؤها وأفكارها في صحيفتي البعث وتشرين، وصحفٍ ومجلاتٍ أخرى، كما كتبت زاوية في مجلة المستقبل التي كانت تصدر من باريس. وفي عام 2006، اختارها الرئيس بشّار الأسد مستشارةً أدبيةً له.

في عام 2009 كانت أول سفيرة لسورية في لبنان.

حياة كوليت خوري الشخصية

في الثامنة عشرة من عمرها تزوّجت من الكونت الإسباني رودريكو دوزياس، وحصل الزواج في فرنسا. وكانت ابنتها نارة نِتاجاً لهذا الزواج. وقالت كوليت عن هذا الزواج: "لم يكن زواجي من الكونت بدافع الحب فقط، بل أيضاً لأني كنت دائماً أبحث عن شخص يستطيع أن يشبه أبي وسامة وحضوراً". بعد انتهاء هذا الزواج بفترة قصيرة، ضجّ العالم العربي بأكمله بقصة حبّها مع الشاعر السوري الكبير نزار قباني، وخوري بدورها لم تنكر هذه المشاعر المتبادلة بأكثر من لقاء أو حوار أجرتهم بعد وفاة الشاعر نزار قباني.

حقائق سريعة عن كوليت خوري

في بداية مسيرتها الأدبية كانت تنشر مقطوعاتها الشعرية والأدبية باسم "كوليت سهيل".

أول مقطوعة نشرت لها بالفرنسية كانت في مجلة اسمها "فتاة اليوم" وقد علّقت كوليت على هذا الحدث الأول قائلة: "خُيّل إليّ أنني بهذه القطعة الصغيرة قد اعتليت سلّم المجد، وظننت أنني انطلقت عَدواً في الطريق التي اخترت، لكن لم أكن أدري يومها بأن الطريق طويل وأطول من حياتي، لم أكن أدري بأنني مهما توغّلتُ في هذه المتاهة، ومهما قطعت من مسافات في هذا العالم الفني الملوّن سأظل دائماً أشعر وكأنني في أول الطريق".

عندما سُئلت خوري عن كتابها الأول "عشرون عاماً"، قالت: "هناك مثل فرنسي يقول: أن تكتب الشعر وأنت في العشرين فهذا دليل على أن عمرك عشرون، أما أن تكتب الشعر وأنت في الأربعين، فهذا دليل أنك شاعر، أنا كنت في العشرين لذلك أعتبر أن ديواني مجرد عواطف لصبية صغيرة مصاغة في ألحان، وأعتقد أن لهذا الكتاب قيمة عاطفية أكثر منها أدبية، إنه تمارين أدبية أو عزف بدائي على أوتار الأدب".

كان معروف عن كوليت أنها من عشّاق العربية بالرغم من إتقانها الفرنسية، وقد نقلت إلى الفرنسية عدداً من القصائد لشعرائنا الكبار، مثل (سليمان العيسى، نزار قباني، علي الجندي، أدونيس إلخ....)

كذلك ترجمت من الفرنسية إلى العربية قصصاً للكاتب الفرنسي المعروف "أنطوان دوسان اكسبري" مثل قصة "الأمير الصغير" و"جيجي"، وقصص صغيرة متفرقة.

عملت كوليت في التدريس كأستاذة محاضِرة في قسم اللغة الفرنسية في كلية الآداب في جامعة دمشق، وتعاقدت لسنوات طويلة كمستشارة إعلامية ولغوية للسيد العماد أول مصطفى طلاس وزير الدفاع سابقاً.

 

المصدر: arageek

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019