يوم الطبيعة في إيران ثقافة وتاريخ عريق

السبت 3 إبريل 2021 - 10:23 بتوقيت غرينتش
يوم الطبيعة في إيران ثقافة وتاريخ عريق

احتفل الإيرانيون أمس الجمعة بيوم الطبيعة وهو ثقافة رائجة بين أبناء الشعب الايراني عند كافة قومياتهم وثقافاتهم.

بعد الطقوس والاحتفالات التي تتعلّق ببدء العام الإيراني الجديد، والتي تشمل شراء المستلزمات والملابس الجديدة وتنظيف البيوت ويوم "الأربعاء الحمراء" أو "جَهارشنبه سوري"، وعيد النوروز والجلوس حول مائدة "هَفْتْ سِين" (سبع سينات) لاستقبال العام الجديد، والتي خيم عليها شبح كورونا هذا العام، فتمّت مختلفة عن كلّ عام وشاحبة، ينهي الإيرانيون طقوس واحتفالات العام الجديد باحتفالهم بيوم الـ13من الشّهر الأول في العام الإيراني (فروردين) "13 بِه دَر" (سيزده بِه دَر) الذي سمّي بعد انتصار الثورة في إيران عام 1979 بـ"يوم الطبيعة".

يعتبر "سيزدَه بِه دَر" الذي يصادف، آخرَ أيام احتفالات عيد النوروز أو احتفالات بدء العام الإيراني الجديد، والتي تستمر 13 يوماً، فتنتهي بهذا اليوم، وله مكانة خاصة في الثقافة الإيرانية، ويمكن اعتباره بأنه أكبر حضور شعبي تقليدي في إيران.

يوم الطبيعة او ما يطلق عليه في إيران بالـ “سيزده به در" موروث شعبي له رمزيته ومكانته في التراث الفارسي وهو يوم يختتم به الايرانيون الاحتفال بعيد النوروز (رأس السنة الايرانية).

ففي هذا اليوم يخرج آلاف الإيرانيين منذ الصباح الباكر في "أكبر تظاهرة شعبية فولكلورية" متجهين إلى الصحراء والأودية والحدائق العامة، مستحضرين عادات وطقوسا تاريخية، في إحياء يوم "سيزده بدر"، وهو اليوم الثالث عشر من شهر فروردين، أول الشهور في السنة الإيرانية.

يحمل "سيزده بدر"، كبقية احتفالات النوروز، معاني ودلالات مرتبطة بالطبيعة التي تبدأ معها السنة الشمسية الجديدة، لحظة الانقلاب الربيعي، وتنتهي بها إجازاتها واحتفالاتها. تلك المعاني راسخة في أجزاء المصطلح نفسه، قبل دلالاته العملية، إذ تعني "سيزده" باللغة العربية ثلاثة عشر، و"بدر" اختصار لـ "به دره" (أو به دشت) أي الوديان والسهول. بالتالي، فإنّ مصطلح "سيزده بدر" يعني الخروج إلى الوديان أو السهول في اليوم الثالث عشر من اول شهر بالسنة الإيرانية. لذلك سمّي هذا اليوم في التقويم الشمسي الإيراني بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 بيوم "الطبيعة" أو "المصالحة مع البيئة".

ويقيم الإيرانيون في هذا اليوم احتفالات طقسية عديدة تختلف أحياناً من عرق لآخر ومن منطقة لأخرى. ومن أهم تلك العادات تحضير "سبزه"، وهي نبتة قمح دائرية مربوطة من الأطراف بخيط أحمر، تزرعها الأسر الإيرانية مع بداية السنة الجديدة في وعاء خاص، وتزين بها سفرة "السينات السبع" كما ترمز إلى تجديد الحياة، ويحملها الإيرانيون معهم في يوم "سيزده بدر" إلى خارج البيوت لرميها غالباً في مياه الأمطار أو تترك في الطبيعة. ويربط الإيرانيون سيقان "سبزه" أو الأعشاب في السهول والحدائق ببعضها البعض لترتبط حياتهم بالطبيعة أو لتتحقق أمنياتهم في عامهم الجديد.

كذلك، تقضي العادات بأن تحضر أسر بعض المناطق حساء تراثياً يعرف بـ "آش رشته" يعدّ من الحبوب والخضر، إلى الحدائق والمتنزهات.

 

نبذة عامة عن يوم الطبيعة في إيران

يحيي الإيرانيون ومنذ الأزل يوم الطبيعة والذي يسمى سيزده به در كجزء من التراث الفارسي الممتد منذ آلاف السنين عبر التأريخ. وفق التقاليد تخرج العوائلُ الإيرانية منذ صباح هذا اليوم من البيوت لتجلس في الحدائق والسّهول حتى مغيب الشّمس، وتقضي الوقت في الدردشة، واللّعب، وتناول الغداء. وفي نهاية اليوم أو قبل العودة إلى البيت، وبهدف طرد الشرّ وتحقيق الأمنيات، واحتفالاً بالطبيعة وحلول الربيع، تقوم برمي الـ"سبزه" أو الشتلة التي تمّ زرعها قبل أيام من بدء السنة الجديدة، ووُضعت طيلة الأيام الـ12 من العيد على مائدة "هَفتْ سين"، إضافة إلى إخلاء الأواني الزجاجية من الأسماك الحمراء الصغيرة التي كانت حاضرة على المائدة منذ اليوم الأول من النوروز. وبعد ذلك تعود العوائل إلى البيوت.

وكعادة قديمة تقوم العائلات الإيرانية في هذا اليوم بربط خضار العيد قبل رميها في الأنهار أملاً في تحقيق أمنياتها. ويرمز ربط خضرة العيد إلى ربط الحياة بالطبيعة.

 

تاريخ المناسبة

تبدأ السنة الفارسية في 21 من مارس/آذار، وتنطلق معها احتفالات عيد النيروز الذي يعود تخليده إلى أكثر من 2000 سنة مضت، ويكتسب بُعداً اسطورياً وشعبياً في آسيا الوسطى والصغرى والغربية وخاصةً جمهورية إيران. وتختتم احتفالات عيد النوروز في يوم الطبيعة وهو اليوم الـ13 من شهر "فروردين" أول شهور السنة الفارسية. ويصادف عيد الطبيعة الثاني من أبريل/نيسان من كل عام.

 

"سيزده به در" في ظلّ فيروس كورونا

وكما حدث للاحتفالات والطقوس الأخرى المتعلقة ببدء العام الإيراني الجديد بسبب فيروس كورونا، أَغلقت السّلطات الإيرانية جميع الحدائق العامة، ووجّهت أوامر للشعب الإيراني لعدم الخروج إلى السهول والحدائق للاحتفال بيوم "سيزده به در" في ظلّ تفشي فيروس كورونا في البلاد وتصاعدِ وتيرة الإصابات بهذا الفيروس، وفي إطار تنفيذ خطّة "التباعد الاجتماعي".

ولم يمنع فيروس كورونا الإيرانيين من الاحتفال بيوم الطبيعة في ساحات بيوتهم، ومع رعاية جميع البروتوكولات الصحية، لكي يعودوا للعمل بنشاط من اليوم، و بداية السنة الجديدة.

 

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019