وردة شـــامية.. بيــن أســطورة الحكايــة وظلـــم الواقــــع

الإثنين 18 يونيو 2018 - 08:28 بتوقيت غرينتش

رغم أنها حكاية تتكىء في مضمونها على قصة مصرية قديمة للأختين ريا وسكينة قامتا بفعل الجريمة البشعة في استهدافهما النساء الغنيات المصوغات بالذهب، بعد قتل زوجة الأب الظالمة، إلا أن مسلسل «وردة شامية» تختلف في بيئتها وأحداثها ودوافعها لتقترب إلى الفانتازيا أكثر منها إلى الواقع وبخطوط درامية وحبكة تبتعد عن العمل العصري. فأحداث مسلسل البيئة الشامية تدور وبشكل رئيسي حول سلسلة من الجرائم التي تهز الحارات الدمشقية، ضمن بيئة الضحايا والقتلة بدافع الثأر والانتقام من ظلم أصاب الشخصيات الرئيسة «وردة» وتقوم بالدور سلافة معمار، و«شامية» شكران مرتجى، ويجسد سلوم حداد شخصية عاصم عامل نظافة منبوذ من بيئته ومحط استهزاء من قبل أهل الحارة، حيث ترقب عيناه كل حدث وكل مايدور حوله حتى يقع في حب شامية التي ترتبط به لغايات في نفسها.‏ ويقدم كاتب العمل مروان قاووق في عمله طابع البيئة الشامية في فضاء من الفانتازيا ولايشبه نظيره المصري بشيء عدا أن النساء هن من يقوم بفعل الجريمة من أجل سرقة المصاغ وتحركهن حالات نفسية مختلفة نتيجة ظروف قاسية عانت منها، وأن الحكاية لاتنتهي عند القيام بالجريمة بل تمتد لتشمل ردود فعل من في محيطهما وأسر المقتولين.‏ ويركز المسلسل على فكرة القتل من أجل المال بأسلوب لايخلو من الإثارة والتشويق غير المعهودة في مسلسلات البيئة الشامية النمطية، وربما كان لغياب باب الحارة في هذا الموسم الرمضاني دور في ارتفاع نسبة مشاهدته رغم أن أحداثه ربما لاتمت إلى الواقع بصلة، بل هي من وحي خيال الكاتب.‏ والمتابع للحلقات التي عرضت منذ بداية الشهر الكريم لابد أن يتوقف مليا عند هذا الكم من الجرائم المتتالية التي تحمل في مضمونها حقدا دفينا وعقدة نفسية تتجاوز حدود الانتقام والحقد لتصل إلى حالة المرض الذي يسيطر على الشخصيات ويدفعها إلى القتل بدم بارد ومشاركة شخصيات جديدة لتمتد الجريمة على نطاق أوسع بنهم لاتحده ضوابط أو عرف أو قانون.‏ والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن لماذا الآن نقدم هذه الوجبة الكبيرة من العنف والقتل، وقد شهدنا ماشهدناه في ظل الحرب مع القتلة والعصابات المسلحة، ولم نخرج بعد من تبعاتها ودمنا لما يجف بعد.‏ فهل يدفعنا العنف الذي عايشناه لسنوات تجاوزت الثماني إلى جلد المشاهد بمشاهد هي من القسوة مايجعل النفس غير قادرة على احتمال المزيد، وأي بيئة شامية تحمل من البشاعة في عالم الجريمة مااتفق عليه القائمون على العمل، ونحن في كل يوم نصم آذان العالم بأننا ننتمي إلى حضارة عريقة وقيم تمثلنا وأخلاق نباهي بها، فهل فرغت الجعبة إلا من قصص العنف والقتل والدم والقسوة التي تطعن المتلقي في الصميم.‏ والمثير في الأمر أن البعض ينتظر العمل ليحصي كم عدد القتلى، وعلى من سيقع الخيار في الجريمة القادمة، ولاندري كيف سيرسم الكاتب ومن ثم المخرج نهاية العمل، ترى هل سينال المجرم عقابه، أم ستسجل الجرائم ضد مجهول وتضيع الحقيقة، وإلى أن نصل إلى نهاية العمل ماعلينا إلا مراقبة عداد الموت.‏ ولكن هناك كلمة حق يجب أن تقال، وهي الإشادة بأداء نجوم العمل وقدرتهم على تقديم الدور بشكل احترافي بعيدا عن التقليد والاستنساخ لقصة ريا وسكينة، فقد تميزت شخصيات العمل بأداء رائع وهذا ماعهدناه في الفنان السوري الذي يتفوق على نفسه في الكثير من الأعمال، وهذا ماجعله محط إعجاب وتقدير في الدراما العربية.‏ والعمل الذي ينافس في السباق الدرامي لهذا العام «وردة شامية» من تأليف وسيناريو وحوار مروان قاووق، إخراج تامر اسحق، شارك في البطولة سلوم حداد، سعد مينه، يوسف حداد، نادين تحسين بك، محمد خير الجراح، معتصم النهار، نادين خوري، جلال شموط، ضحى الدبس وعدد آخرمن الفنانين.‏ فاتن دعبول

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019