«الزورخانة».. رياضة تراثية إيرانية لتقوية العضلات

الأحد 24 نوفمبر 2019 - 12:36 بتوقيت غرينتش
«الزورخانة».. رياضة تراثية إيرانية لتقوية العضلات

تعتبر رياضة "الزورخانة" اي "بيت القوة" من الرياضات التقليدية التراثية القديمة في الجمهورية الاسلامية الايرانية، وهي رياضة خاصة لتقوية العضلات ورفع مستوى اللياقة البدنية، بالاضافة الى انها بمثابة رياضة روحية ومعنوية، ووسلية للارتباط مع الله تعالى، ويصفها البعض بالرياضة المقدسة التي يمارس فيه الرياضيون والمصارعون الرياضة التقليدية والحركات البطولية.

الزورخانة كلمة فارسية مركبة من كلمتين هما "زور" وتعني القوة، و"خانة" وتعني البيت، ومعناها بيت القوة، وهي عبارة عن فعاليات رياضية تقليدية تختتم عادة بالمصارعة الحرة.

تعود هذه الرياضة الى نحو سبع مئة سنة مضت وأبدعها شخص يدعى محمود أو كما يعرف بـ «بورياي ولي»، وعلى ما يبدو فانه كان من أهالي منطقة خوارزم، بيد أنّ هذه الرياضة ونظراً لكثرة ما أشارت اليها وذكرتها القصص والأساطير الايرانية القديمة فان لها جذوراً وامتدادات تاريخية عميقة .

ويذكر المؤرخون أن  سقف «الزورخانة» يبنى على شكل القبة، وأرضيته اكثر عمقاً من أرضية المبنى. أما باب الزورخانة، فقصير جداً، مما يجعل كل من يريد الدخول فيه ينحني. والسبب في بناء باب الزورخانة قصيراً هو أن كل من ينوي الذهاب الى هذا النادي الرياضي التقليدي من الرياضيين والمصارعين او المتفرجين، يجب عليه ان ينحني احتراماً وتكريماً للرياضة والرياضيين.

 

تتوسط مبنى الزورخانة حفرة تبنى عادة ثمانية الأضلاع وأحياناً سداسية، ويبلغ طولها 4 او 5 أمتار وعرضها 4 أمتار، فيما يصل عمق الحفرة نحو متر واحد. يغطى قاع الحفرة بطبقات من وتعلوها مقادير من التراب الصلصالي لتمهيدها، وذلك لتصبح الحفرة ناعمة لممارسة الرياضة فيها. هذا ويتم رش هذه الحفرة بقليل من الماء يومياً وقبل البدء بممارسة الرياضة أيضا.

 

أما جدران الحفرة، فيتم طلاؤها بمخلوط من التراب الأحمر ومسحوق الكلس وألياف القصب تسمى فارسيا (الساروج) وتغطى حافتها بالخشب بدلاً عن الطابوق، وذلك تفادياً لجرح أجساد اللاعبين والمصارعين أثناء ممارستهم الألعاب والحركات الرياضية في الحفرة. وتحيط بالحفرة هذه، غرف يجلس فيها المتفرجون ويضع فيها المصارعون واللاعبون حقائبهم الرياضية وأمتعتهم الشخصية ويرتدون الوزرة الخاصة باللعبة او  الرياضة هذه.

 

من أحد المراسم والاحتفالات التي تشهدها الزورخانة هو نثر الورود. وهذا الاحتفال الرياضي تكثر إقامته عادة في ليالي شهر رمضان المبارك وكذلك للاحتفاء بالأبطال المعروفين والمخضرمين الكبار وتكريمهم.

 

في هذه المراسم، تتزين جدران الزورخانة بأنواع الورود وتقدم الحلويات والفواكه للضيوف. من ثم تبدأ الاحتفالية بممارسة بعض الألعاب رياضية وكذلك مصارعات بين عدد من المصارعين المعروفين. ومن بعد ذلك، يتحدث أقدم اللاعبين المخضرمين عن اللاعب البطل الذي أقيمت احتفالية نثر الورود تكريماً له.

 

ولرياضة الزورخانة تقاليدها وطقوسها الخاصة بها والتي تتمثل في اتباع اللاعبين للأبطال والشجعان الأسطوريين في ايران وخاصة، باتباعهم للقيم والمبادئ الاسلامية السامية، مما يثير فيهم الغيرة والقوة ويحثهم على التخلق بالخلق الحسن والمروءة والأخوة.

 

وتتجسد هذه الخصال الحميدة في الأناشيد والأشعار والقصص التي ينشدها شخص يدعى «المرشد». وتصاحب هذه الأناشيد والقصص موسيقى ايقاعية تصدر عن ضربات المرشد على الطبل والدف وتطرق مسامع اللاعبين والمصارعين المشاركين، مما يجعل حركاتهم الرياضية تتناغم مع الموسيقى والنغمات الإيقاعية والعبارات التي تخرج عن لسان المرشد، وهم يستعرضون حركات رياضية جميلة بشكل جماعي أو فردي.

 

يذكر أن لرياضة الزورخانة تقاليد أخلاقية يجب أن يتبعها اللاعب، منها أن يكون نظيفا وذا أخلاق فاضلة ونبيلة وعلى وضوء، ويتمتع بروح التواضع، وألا يكون مغترا بقوته ويكون أمينا ومحبا لأهله. وتتوقف فعاليات هذه الرياضة خلال فصل الشتاء لتستأنف ثانية في فصل الربيع من كل عام.

 

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019